جسر حافظ الأسد: ورشة لإصلاح سيارات النقل وعربات طعام متنقلة!
جسر حافظ الأسد: ورشة لإصلاح سيارات النقل وعربات طعام متنقلة!
وسط المدينة حيث تتركز الكثافة البشرية، ويتجمع القادمون والمغادرون في كل جهات العاصمة، هنا جسر الرئيس، أو ما كان يلفظه السوريون وسائقي سيارات التاكسي على نحو مفعم بالخوف: " جسر السيد الرئيس" في نداء للغافلين عن الوصول إلى المكان!
اليوم يبدو " جسر الرئيس" صورة عما حل بذكراه في ذاكرة السوريين وعلى ألسنتهم التي لهجت سيرته الحقيقة باعتباره " جزار حماه" و" بائع الجولان" ثم أسبغت من اللعنات على روحه ما يعبر عن حضوره الحقيقي في الوجدان السوري حين يتحرر من الخوف.
من فوق إلى تحت! من فوقه من تحته بشر يغادرون وآخرون قدموا من بعيد حيث الموت يحصد المئات أو بحثاً عن مكان للعمل، أو بيت للإيجار، وهنا أرادها النظام شاهداً ابدياً على اسم القائد الخالد المقبور الذي لا يأبه للمعتدين، وهو مصدر إلهام الشعب، ورمزه الباقي.
جسر الرئيس من فوف إلى تحت مكان يعج بالسيارات حيث الحاجز الذي يحصر السيارات العابرة ولعين التي تراقب الناس بدون رحمة، وفي نهايته يتوضع برج مراقبة بجانب فندق الفورسيزن وفي مقابل البرج قصر الضيافة الذي يحرسه عدد قليل من العساكر.
مطاعم بشوادر الإعانات واليونيسف! تحت الجسر الحياة مختلفة باعة وسيارات أجرة خاصة وعامة وباعة كتب ومطاعم صغيرة منصوبة بشوادر الإعانات واليونسيف التي سرقها ضباط النظام مع المعونات وباعوها... وتحت الجسر أيضاً كل ما هب ودب من الباحثين عن رزقهم، ولا يخلو المكان المزدحم من اللصوص والنشالين وبعض المتسولين.
ما يثير الانتباه هو العدد الكبير من باصات النقل الداخلي العاطلة، وبعضها قد تعرض لأذى كبير لكونه استخدم في نقل عناصر الجيش والدفاع الوطني ما أدى لإصابته أو اخترقته رشقة من رشاش أو بندقية كلاشينكوف، ولم يبق من زجاجه إلا القليل، وأنا الباقي من السيارات الضخمة فهو متوقف نتيجة لعدم وجود قطع غيار نتيجة الحظر على سورية مما أدى لتحويل المكان إلى ورشة صيانة ثابتة حيث يقوم عمال الصيانة بنزع القطع الصالحة وتركيبها للباصات التي ما زالت تعمل على خطوط النقل.
نقطة ابتزاز! في منتصف الجسر بعض العربات التي تبيع السندويش بأنواع وكذلك العصائر للركاب الذين ينتظرون سيارات تقلهم إلى قرى الربوة ووادي بردى، وهنا يبدأ الابتزاز كون المنطقة في جزء منها تحت سيطرة الجيش الحر، ولا يمكن للسيارات التي كانت تعمل على تلك الخطوط العمل حالياً بسبب قيام عناصر الأمن بحملات اعتقال وتفتيش مفاجئة، وهذا ما يدفع الأهالي لعدم التأخر في العودة إلى بيوتهم.
أهالي (قدسيا) قد يكونوا أكثر المواطنين ظلماً بسب إعلاق الطريق شكل مفاجئ، وهذا ما يأتي نتيجة لاشتباك بسيط و كما حصل قبل مدة قصيرة عندما قام النظام باعتقال نساء من منطقة (بسيمة) مما استدعى تدخلاً من عناصر الجيش الحر والتهديد بقطع الماء عن العاصمة وجرت مفاوضات أدت إلى إنهاء الأزمة، وهنا تكمن مأساة أهالي قدسيا كونها المدينة الأقدم إلى العاصمة.
الجسر باسمه وكل المجازر التي ارتكبت دفاعاً عن عائلة الأسد، بات يشكل شوكة في قلوب السوريين، ويتمنى الكثيرون أن لا ينطقوه، ويتجنبون عند ركوب سيارة نقل أن يقولوا للسائق (جسر الرئيس)، وهو الآن مجرد ورشة إصلاح سيارات ومجمعاً لعربات بيع الفلافل والسائقين الباحثين عن مواطن يستغلونه، وعلى جانبيه حدائق لممارسة المتع العابرة وسط المدينة التي يكسوها الحزن.
سارع الآن بالاشتراك في القائمة البريدية ليصلك جديد الموقع على بريدك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق