موت مجاني: مستقبل الطائفة العلوية في ظل النزيف البشري!
على عكس الاحتفالات القريبة من المهرجانات التي كان يقيمها النظام في تشييع قتلاه، حيث كانت صور الأسد تُرفع، والهتافات تُصدح فداءً له، ويقوم إعلام النظام بتصويرها ويجعل منها مواداً يتغنى بها للمقاومة والممانعة، وكل ذلك ليثبت لمؤيديه، وللعالم الخارجي بأنه مستهدف ،وأن جنوده يقتلون على أيدي الأرهابيين ،ليبرر قتل الشعب السوري الثائر وقصف وتدمير مدنه، ولكن عندما ارتفعت اعداد قتلاه ، وهي بازدياد مستمر، وقع النظام في مستنقع كبير مليء بدماء مؤيديه، واصبح جلياً بأن الأزمة كما يحلو له تسميتها ،لم تنتهي بل أنها تكبر ككرة الثلج التي تلتهم أبناء الطائفة العلوية، طائفة بشار الأسد.
يقول ناشطو الثورة السورية الذين يعيشون بمناطق الساحل السوري، يكفي أن تتجول في منطقة الساحل السوري بمدنه وضيعه، لترى النساء اللمرتديات اللباس الأسود، يخرجن من عزاء إلى آخر، ولترى مواكب الجنازات تعبر تلك الطرق من دون أن تأخذ حقها حتى من إعلام النظام، إلا في الحالات اللازمة لتسويق فكرة الاستمرار في الحرب، وضمن أعداد تقل كثيراً عن الأرقام الحقيقية للقتلى. بل صارت بعيدة تلك الأيام التي يكرّم فيها النظام قتلاه، وبات تسليم الجثث يمرّ من دون المراسم العسكرية المعتادة، وفي حالات متزايدة يتم إبلاغ الأهالي بمقتل ابنهم شفهياً ولا يُعرف مصير جثمانه.
لا صور للأسد ولا هتاف!الناشط محمد اللاذقاني يتحدث لأورينت نت عن اختفاء صور الأسد والامتناع عن الهتاف له، قائلا: "يبدو أن النظام بدأ يتخوف من أن شباب الطائفة العلوية يموتون من أجله، حيث أن ضحاياه بازدياد مستمر، مما يجعله يسوّق أفكار جديدة بطريقة ممنهجة أن هؤلاء شهداء الدفاع عن الوطن فقط، وأصبح يعمل من خلال أفراد مخابراته على عدم رفع صور القائد الأسد، بل على العكس بدأ يعاقب كل من يرفع صوره في التشيع ، ويأمر برفع علم الوطن (علم النظام) فقط لاغير، بالإضافة لصور المُشيع، وتحديد مجموعة هتافات تُختصر بالوطن والمتوفى".
لا مهرب من الخدمة العسكرية!شاعت ظاهرة التهرب من الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في قوات النظام، وهناك نسبة كبيرة من الشباب الذين غادروا البلد تهرباً من الخدمة، ولكن الشبان الذين يقطنون في المناطق التي يسيطر عليها الأسد يواجهون مشكلة كبيرة، حيث يُساق الشبان إلى الخدمة عن طريق الحواجز المنتشرة في كل المناطق، وهذه الحواجز تقوم بالتدقيق الشديد على الهويات، يقول الناشط ابو سالم لأورينت نت : "أصبحت لأبناء المناطق المحررة أمكنتهم التي يلوذون بها هرباً من خدمة النظام، ومن دون أن يُضطروا إلى المشاركة في الحرب ضده، ولأبناء بعض الأقليات الأخرى امتدادات تاريخية خارج الحدود تساعدهم على التهرب من الخدمة العسكرية، حتى إن كان بعضهم أقرب إلى الموالاة، وحدهم العلويون يبدون اليوم تماماً في قبضة النظام، ويساقون يومياً إلى القتل بحجة حمايتهم منه."
أعدادهم تقترب من أعداد شهداء الثورة.. ولكن!الآن بدأت التقديرات تشير إلى مقتل أكثر من 124 ألف من أبناء الطائفة العلوية فقط، وذلك حسب ما قاله المرجع العسكري من الضباط الأمراء في الجيش السوري سابقاً والذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، جيث أفاد: "أن هناك معلومات من ضباط ومسؤولين علويين من داخل النظام تؤكد سقوط أكثر من 124 ألف قتيل من أبناء الطائفة العلوية خلال الحرب التي شنها النظام على الشعب والتي دخلت عامها الرابع، وهي أرقام تتقاطع مع أرقام تقديرية تقدّمها بعض الكتائب المسلحة والنشطاء"، وهذا الرقم يقارب أعداد شهداء الثورة الموثقين حسب قاعدة بيانات الثورة السورية منذ انطلاقها، إلا أن الأرقام المجرّدة لا تكفي للدلالة على نوعية الأذى ونسبته في الجانبين. فالدلالة الحقيقية تتضح عندما نقول إن الرقم الأول يخص طائفة تشكل ما نسبته فقط حوالي10 في المئة من السوريين حسب الاحصائيات الغير مؤكدة، فضلاً عن أن شهداء الثورة قضى جزء كبير منهم تحت القصف الذي لا يميّز بين أطفال وشباب وشيوخ أو بين الجنسين، بينما يقتصر ضحايا النظام من أبناء الطائفة العلوية على مَن هم في سن الشباب في الغالب، وهم ذكور فقط.
العلويون يفقدون 40% من رجالهمإذا كان العدد المذكور بوكالة (آكي) الايطالية صحيحا فهو يُعد بمثابة كارثة بشرية بحق الطائفة العلوية، فإذا قمنا بعملية حسابية بالنسبة والتناسب باعداد الطائفة العلوية في سوريا بشكل عام، نستنتج ان عدد قتلى الطائفة هو يشكل نسبة تقديرية تساوي 6% من التعداد الكامل من جميع الاعمار وكلا الجنسين، أما اذا حددنا النسبة فيما يخص الذكور في عمر الشباب ومافوق حتى سن الخمسين الذين يشكلون بشكل عام بأي مجتمع بشري تقريبا 20 %، نجد أن العدد المذكور يؤدي إلى خسارة العلويين ما يقارب 40% من شبابها ورجالها!
خيري الذهبي: العلويون ماتوا من أجل الطاغيةالكاتب والروائي السوري خيري الذهبي تحدث عن هذا الموضوع لأورينت نت قائلا: "أعترف أني حين سمعت بهذا الخبر أصبت بالأسى، عشرات الألوف من شبابنا المضلل يموتون من أجل الملالي وحلمهم الأسطوري باستعادة الإمبراطورية التي أسقطها المسلمون منذ أربعة عشر قرنا، ولكن لنكن عادلين , فهم لم يموتوا من أجل الملالي الفرس بل ماتوا كما يظنون من أجل الطاغية ابن الطاغية الذي حكم – هو وأبوه من قبله - هذا البلد بالنار والمعتقلات لما يقرب من نصف قرن .... والبسطاء؟ البسطاء هؤلاء هم ملح الأرض , وهم من سماهم يوسف المحمود في روايته (مفترق المطر) بـ "البذورة" التقاوي الذين سيحفظون السلالة من الانقراض إكراما لابن طاغية صيدنايا وتدمر, ومبتكر معتقلات ما تحت الآرض التي لايرى سكانها الأرض. قبل كل شيء علينا أن نعرف أن الشعوب لاتفنى، قد يقل تكاثرها، ولكنها لاتنقرض، فالطبيعة أذكى , وأحرص من اختفاء جنس بشري مهما بلغ من "دروشته" وسذاجته بحيث يصدق أن الطاغية باق، الطاغية استلب منا الكثير من الدماء، ولكن الشعب رغم الضريبة الفظيعة التي دفعها عن سذاجة أو خديعة سيعرف أخيرا ان لا بديل له عن شعبه فهو الوحيد الباقي بعد زوال الطاغية".
30/5/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق