الدراجات القاتلة: المصادرات التي كانت ذعراً وتحولت إلى مفخخات!
في بداية تحول الثورة إلى حمل السلاح، كان صوت الدراجة النارية يعني بدء معركة ليلية واشتباك، قد يستمر إلى طلوع الصبح، فالدراجات تخرج لاستكشاف الحواجز العسكرية، ومن ثم تعود بمعلومات عن تموضعها، ومن ثم صارت أحد أهم وسائل التنقل في البساتين المحيطة بالمدن، خصوصاً في الأرياف التي أعلنت تمردها على استبداد وعسف الطغيان.
في تلك الأثناء.. بدأت حملة مداهمات واسعة لجمع الدراجات النارية من كل المواطنين ومصادرتها بحجج واهية، واستفاد الشبيحة واللصوص من هكذا أوامر وسلبوا كل من في طريقهم، وشهدت بعض المدن كدرعا وحماة وحمص حملات حرق لأعداد هائلة من هذه الآلة الخطيرة.
تجارة الدراجات المصادرة! ما بقي منها عمد عناصر الأمن واللجآن الشعبية غلى إصلاحها وتزيينها وتغيير مواصفاتها، وصارت تجارة الدراجات من أهم مصادر ثرائهم، حتى أن بعضه استطاع شراء سيارة من هذه الفرصة التي منحتها لهم السلطة الحاقدة.. وآخرون فضلوا استخدامها كوسيلة نقل، على اعتبار أنهم قادرون على تأمين وقودها من البنزين المسروق من حصص سيارات الجيش.
القرار الذي أزعج الشبيحة هو ما أجبرهم لفترة قصيرة على عدم دخول المدينة بالدراجات ولكنهم تجاوزوه بعد فترة قريبة، وتم حل المشكلة بقرار يتضمن تسجيلها والحصول على لوحة نظامية من الجهة التي ينتمي إليها السائق، وبالتالي تم التعميم على كل الدوائر الرسمية بتسجيل الدراجات التي تعمل لخدمتها، وهي البلديات والمحافظات وبعض المديريات التي ترسل ريدها بهكذا طريقة.
الدراجة والانتحاري!حادثة تفجير حي (ركن الدين) الدمشقي مؤخراً... أعادت إلى عقل الأمن حكاية الدراجات، بسبب أن منفذ العملية تسلل على دراجة مفخخة وفجر نفسه بحزام ناسف، وهذا ما استدعى حملة مشددة في العاصمة دمشق على راكبي الدراجات حتى من العسكريين وشهدت الحواجز زحاماً شديداً، وحالة استنفار كبرى وتدقيق على كل المواطنين وخصوصاً من يقود دراجة.
هوس الشبيحة العلويين بمصادرة دراجات المواطنين تحول إلى مفارقة قوامها: "غرام وانتقام".. يقول أحد المواطنين: "ألستم من صادر الدراجات ومن ثم باعها للناس بأسعار خيالية، وجنيتم أموالا من عرق وتعب الناس.. ها أنتم تحصدون ثمن فعلتكم"... أما راكبو الدراجات ممن يرتدون اللباس العسكري، فيشكلون مأزقاً آخر... لأنهم لا يقفون على الحواجز ويلوحون بأيديهم لعناصر الحاجز عوضاً عن ذلك.. ويبدو أن الانتحاري درس وراقب كيف يتعامل هؤلاء مع بعضهم ونفذ بدقة ما أراد.. فهل تتكرر الدراجات المفخخة، لتنهي أسطورة "الحواجز" التي تقطع أوصال المدن، وتشل حركة الناس.. وتضع الجميع رهن الإقامة الجبرية؟
سؤال سوف تجيب عنه ربما دراجات قادمة على الطريق نفسه!
30/5/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق