جنيف -3: لعب على عامل الوقت فيما البلد يحترق!
نور مارتيني - صحيفة الغارديان البريطانية
من الممكن أن يكون موضوع محادثات السلام المتعلقة بسوريا قد مرّ بلا تسريبات، ولكنه قد حصل بالفعل بشكل خفي، فالأمم المتحدة، التي أسّست لهذه المحادثات، واتخذت من جنيف عنواناً عريضاً لتقودها منه وتوجهها، قد تجنّبت إطلاق اسم "جينيف 3" عليها هذه المرة، وهو ما يمكن فهمه على أنه منح فرصة للطرفين الأساسيين في هذه المحادثات، من أجل الوصول إلى اتفاقية سلام تنهي الحرب الأهلية في سوريا، الآن وفي عامها الخامس، وبعد فشل المحاولات السابقة.
حيث تصدّى لهذه المهمة اثنان من أهم المفاوضين في الأمم المتحدة، وهما الأمين العام السابق للأمم المتحدة"كوفي عنان"، والمبعوث الجزائري "لخضر الإبراهيمي"، والذين لم يتمكنا من إيجاد نقطة توافقية تحدّد الإطار العام الذي ستنطلق منه هذه المحادثات، أو حتى من إقناع الأطراف المتناحرة بمناقشة هذه القضايا وجهاً لوجه.
الجدير بالذكر أن الرجلين استقالا، أما (ستيفان ديمستورا) والذي جاء بعدهما، فقد اعتمد مقاربة من نوع جديد، تتسم بالبساطة والشمولية، حيث أنّه بدأ بإجراء سلسلة من الاستشارات المنفصلة، واعتمد على مستشارين متعددين – هذه الحالة أدت إلى تفتيت القضية، ما أفضى إلى جعل الأمور تبدو وأنها حديث عن "جهات متعددة قدر الإمكان- ومن بينها إيران.
لم تتم دعوة البعض أصلاً، وبالطبع فقد كان غياب تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة هو الأكثر وضوحاً، فيما رفض البعض الدعوة، أو قبلها مع تحفّظه على فكرة أن هذه المحادثات قد تجعل الوضع يزداد سوءاً.
إن قرار وقف الحرب سيبقى معلّقاً، ريثما يحدث تغيير جوهري، كبير وملحوظ، في موازين القوة؛ ما يحصل الآن لا يعدو كونه تكرار لتلك التدريبات الديبلوماسية التقليدية من أجل إبقاء قنوات التواصل مفتوحة، في حالة متخبطة، على أمل أنه حالما يحصل التغيير، وفي ذات اللحظة، سوف يكون لدى الأطراف الإقليمية شيء من الدراية والعلاقات بالجهات التي يتصاعد نفوذها، تمكّنهم من اقتناص الفرص الجديدة. ويظهر التكتيك الذي يعتمده "ديمستورا" على أنه على اطلاع على هذه الاستراتيجية، وأنه فيما لو كان هنالك وقت يسمح بإنهاء الحرب في سوريا من تلقاء نفسها، فقد ولّى ذلك الزمن.
إذ كانت سوريا على الدوام موضع نزاع إقليمي بين إيران والدول السنية في المنطقة، والتي تقودها المملكة العربية السعودية؛ هذا النزاع الذي كان بدوره متأثراً بعدة عوامل: العلاقات المتوتّرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ظهور الجهاديين، والمواجهات بين الغرب وروسيا.
الآن ..طرأت تغيرات كبيرة على كافة الأصعدة، حيث أسفرت المفاوضات بين رئيس الوزراء جون كيري، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الأسبوع الماضي عن تخفيف حدّة الخلافات المتعلّقة بسوريا، بين روسيا والولايات المتحدّة الأمريكية.
في الوقت ذاته، سعى الرئيس الأمريكي أوباما، إلى تهدئة مخاوف دول الخليج في لقاء كامب ديفيد، حول عدم قيام إيران باستثمار الاتفاقية النووية لتصبح القوة الكبرى في المنطقة. ولكنه يبقى بالفعل سؤالاً مفتوحاً على كل الاحتمالات، فيما إذا كانت إيران ستكتفي بكونها قوّة إقليمية مقبولة، أو أنها ستخرج نفسها من مستنقع سوريا، وتريح بالها من خلال الاقتناع بنفوذها القوي في العراق، أم لا.
سوف تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران، وتعارضها، في آنٍ معاً، بحسب تلميحات أوباما – سوف تتعاون معها في العراق، وفي أجزاء من سوريا، وسوف تواجهها في أماكن أخرى من العالم وفي اليمن- هذه التركيبة التي تبدو وكأنها محيّرة للغاية، حتى لمن رسموا لها هذا السيناريو. حيث أنه وفي الوقت الذي أطلق فيه الملك السعودي الجديد، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، تحدياً في اليمن، فإنه يقوم بدعم نظام السيسي اقتصادياً فيما تقوم مصر بانتقاء أجزاء من ليبيا لتضمّها إليها، وما يزال الرأي النهائي بخصوص سياسة السعودية الجديدة قيد الدراسة.
هي بالتأكيد نتيجة مؤلمة بالنسبة للسوريين الذين يعانون الأمرّين، ولكن قرار الحرب بالتأكيد سوف يتأخّر ريثما يتمّ التوصل إلى تغيير جوهري في موازين القوى، أو التأكّد من أن الحصول على المزيد من المكاسب أمر غير قابل للتنفيذ.
متى وكيف سوف يحصل هذا التغيي؟ أو متى سيتم التوصل إلى هذه النتيجة؟ هو سؤال في غاية الإحراج، وليس بوسعنا سوى أن نأمل أن يتحقق سريعاً، دون المزيد من الانتظار...والمعاناة.
حمود المحمد الطائي مدون وناشط مستقل لنقل كافة اخبار الثورة السورية السياسية ولعسكرية
22/5/2015

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق